مقهى المرايا الخافتة: قصة حب وندم
البخار الأول
في حيّ المرايا الخافتة، حيث تختلط أرواح الماضي بالحاضر، يفتح يوسف الرُباعي مقهاه الصغير كل صباح، يحمل بين يديه إبريقًا نحاسيًا مملوءًا بمزيج غامض من البن وبودرة زهرة الندم.
تُخرج النار تحت الإبريق أنفاسها وحدها، وكأنها تعزف لحنًا من زمن آخر.
دخل رجلٌ في منتصف العمر، يحمل في عينيه مرارة لا تُقرأ. جلس بهدوء، وقال:
— "أريد قهوة… تذكرني لماذا خسرت من أحببت."
سكب يوسف القهوة، وارتفعت أبخرة سحرت الهواء. كان صوت طفلة تضحك يتسلل من بين الغيوم، ووميض وجه امرأة شابة يمر أمام عين الرجل كوميض برق.
خرج الرجل من المقهى، وعيناه تدمعان، كأنه غفر لنفسه ما لم يستطع سابقًا.
خارج المقهى، كانت ليلى المنصوري تراقب المشهد، تحمل كاميرا قديمة ودفتر ملاحظات. كتبت:
"هناك سحر في هذا المقهى، لا يراه إلا من يبحث عن ضوء وسط الظلام."
لكن يوسف لم يدرك بعد أن جزيئة صغيرة من بودرة زهرة الندم سقطت من إبريقه، على الطاولة… تلك الجزيئة كانت بداية لعالم كامل سيتغير إلى الأبد.