مقهى المرايا الخافتة: قصة حب وندم
طَعم الزهرة
في صباح اليوم التالي، كانت ساعة الزمن المنعكس في المقهى تدق للخلف ببطء، وكأن الوقت نفسه يرفض المضي.
جلس يوسف وحيدًا، ينظر إلى بقعة من مسحوق زهرة الندم اللامع على الطاولة.
دخل الحاج راضي بن زين، عباءته تلامس بخار القهوة، وقال بجدية:
— "ليلة التقطّع الثالث كانت البارحة. استخدمت بودرة زهرة الندم دون إذن. هل تعلم ماذا يعني ذلك؟"
أجاب يوسف متعبًا:
— "الناس محتاجة لسماع صوت ذاكرتهم، حتى لو كان مؤلمًا."
أخرج الحاج راضي حبة قهوة سوداء نابضة ببطء:
— "هذه من مخزن الذاكرة القديم. استمع لها، لا تغليها."
في تلك اللحظة دخلت ليلى بخطى واثقة، وضعت صورة جدتها القديمة على الطاولة وقالت:
— "جدتي كانت تؤمن أن هذا المقهى بوابة إلى عالم آخر، إلى عالم نَسْرَة."
سكب يوسف قطرات من القهوة في فنجان صغير. شربت ليلى، وتحولت النافذة إلى مرآة عملاقة تعكس فتاة ترتدي فستانًا بنفسجيًا تركض وسط زهور بيضاء وتنادي: "يوسف!"
ارتبكت ليلى، وهمس يوسف:
— "هذه من حياتي، لكنها منسية."
قال الحاج راضي:
— "البوابة انفتحت، وما سيأتي لن يكون مجرد قهوة."
وفي زقاق المدى، بدأ الظل يتشكل…